في خطوة لافتة، تمكنت الفنانة المغربية هدى سعد من بلوغ قمة جبل توبقال، أعلى قمة في شمال إفريقيا بارتفاع 4167 متراً، لتُصبح بذلك أول مطربة عربية تحقق هذا الإنجاز. مبادرة تحمل في طياتها أكثر من مجرد تحدٍّ رياضي، إذ تتجاوز البعد الشخصي لتصل إلى رمزية مجتمعية وثقافية، تعكس روح الإصرار والطموح التي لطالما وسمت مسيرتها الفنية.
لم يكن تسلق جبل توبقال مجرّد مغامرة استكشافية، بل رسالة أرادت هدى سعد أن توجّهها بصوتها وخطاها، مفادها أن الفن لا يقتصر على المنصات والمهرجانات، بل يمكن أن يكون أيضاً وسيلة تعبير عن القوة الداخلية والقدرة على تخطي الصعاب. الرحلة تطلّبت جهداً بدنياً كبيراً وتحضيراً ذهنياً خاصاً، وسط ظروف مناخية وجغرافية قاسية، لكن الفنانة واجهت كل ذلك بعزيمة وإصرار، كما اعتادت في مشوارها الفني.
هدى سعد، المعروفة بأدائها الرفيع وإحساسها الصادق، لم تسعَ من خلال هذه التجربة إلى لفت الأنظار بقدر ما رغبت في تحفيز الشباب، وخاصة النساء، على كسر الصورة النمطية وخوض التحديات بثقة. وقد وثّقت هذه المغامرة عبر صور ومقاطع مصوّرة شاركتها مع جمهورها، لتقاسمهم لحظة شخصية تحوّلت إلى حدث عام يبعث على الإلهام والتأمل.
بعيداً عن صخب الحفلات وأضواء المسارح، اختارت هدى أن تلتقي بنفسها في حضن الطبيعة، وأن تعبّر عن فنها بشكل مختلف، تتلاقى فيه الجغرافيا مع الوجدان، والصوت مع الصدى الذي تردده الجبال.
إن صعود قمة توبقال يضيف إلى رصيد هدى سعد بعداً جديداً، لا يقل أهمية عن نجاحاتها الفنية. هو تتويج لمسار فني وإنساني يستند إلى الشغف، ويؤمن بأن الإبداع لا يعرف حدوداً، وأن القمم ليست بعيدة عن من يؤمن بقدراته.
وبعد أن اعتلت هذه القمة الرمزية، يبقى السؤال مفتوحًا: ما الذي ستصعده هدى سعد بعد ذلك؟ يبدو أن الإجابة تكمن في قدرتها الدائمة على تجديد ذاتها، وفي ذلك الأفق المفتوح الذي لا تضع له حدوداً.