يقوم فيلم “معطر بالنعناع” للمخرج المصري، محمد حمدي، الذي تم عرضه اليوم الجمعة في إطار المسابقة الرسمية للدورة ال21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، كوثيقة حية تعبر عن هواجس الشك التي تعتمل في صدور جيل الشباب إزاء المستقبل، من خلال توظيف الأسطورة بكل حمولتها الرمزية.
يتعلق الأمر في الفيلم الذي استفاد من برنامج “ورشات الأطلس”، بقصة علاء، وهو طبيب يبلغ من العمر 30 سنة، يزوره في عيادته صديقه القديم مهدي، المصاب بظاهرة غريبة تتمثل في نمو النعناع على جسده، ما يجعل رائحة هذه النبتة تجذب أخطارا وأشباح تطاردهما، فيهربان وينتقلان من منزل مهجور إلى آخر في رحلة بحثهما عن السلام في مدينة كانا يعيشان فيها بأمان في السباق.
في تقديمه لفيلمه، أشار حمدي إلى أن الأمر يتعلق ب”قصة صديقين تحاصرهما بشكل مأساوي إشكالية البقاء على قيد الحياة”ـ و”تمثل جيلا بأكمله يسكنه الشك في المستقبل، مما يولد لديه إحساسا بالخوف يظهر على شكل مرض معد، يسمح لمشاعر لا تطاق بأن تظهر من جديد وتكشف الجراح”.
هو نوع من “جنون العظمة”، يقول حمدي. ويضيف “أشعر بمواضيعي وأتواصل معها على عدة مستويات، أتفهم قساوة الجروح غير المرئية على الأجساد والتي هي أكثر إيلاما”.
في تصريحه لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة، قال مخرج الفيلم محمد حمدي، إن عمله معني بشكل أكبر بفكرة الذاكرة وعدم قدرة الإنسان على التحكم في ما يبقيه منها أو يتخلص منه. ذلك أن توظيف نمو نبتة النعناع في جسد الإنسان، ثم انبعاث رائحتها منه بشكل يفضحه ويجعل “الأشباح” تطارده، يمثل تجليا لسطوة هذه الذاكرة التي تأبى إلا أن تطفو بأحداث ومشاعر أليمة على السطح.
وعن هذا اللجوء إلى توظيف هذا “المرض” الغريب، قال حمدي إن ذلك كان نوعا من اللجوء إلى الأسطورة في مواجهة الواقع. ذلك أن “طموح الفيلم كان أن يخلق ميثولوجيا معينة تقوم على خرق المألوف”، قبل أن يضيف أن “الأسطورة هي فن المهزومين، وهم من يحتاجون إلى خلقها”.
هل الأمر يتعلق بحالة خاصة في العالم العربي. لا، يجيب حمدي، ويضيف أن سؤال الحريات، وسيما حرية التعبير، بات سؤالا محرجا في العالم كله. إنه قضية عالمية ولا فرق بين الشرق والغرب في ذلك.
وعن مشاركته في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، قال حمدي إن المهرجان كان “في منتهى الإفادة” بالنسبة له، ذلك أن الفيلم انتقل من الفكرة إلى الورق بفضل ورشات الأطلس، بل إن منتج الفيلم نفسه قابلته في هذه الورشات”، معربا عن سعادته بكون العرض الأول للفيلم كان أيضا في هذا المهرجان.
يشار إلى أن مـحمد حمدي مدير تصوير سينمائي من القاهرة حائز على جائزة إيمي. قام بتصوير فيلم الميدان (2013) لجيهان نجيم الذي شارك أيضا في إنتاجه وترشح لجائزة الأوسكار، وهو الفيلم الذي نال جوائز عدة أبرزها جائزة الجمهور في السينما العالمية في مهرجان (صندانس)، وجائزة الجمهور في مهرجان تورونتو السينمائي.
ويعد “معطر بالنعناع” الفيلم الطويل الأول لحمدي. وهو واحد من 14فيلما تتنافس على جوائز الدورة ال21 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش التي تختتم فعاليتها غدا السبت.