ادريس عدار
باستثناء بعض الإنتاجات التلفزية، التي يمكن القول نسبيا إنها مكتملة، فالباقي يعاني ضعفا كبيرا، ويمكن الوقوف بسرعة على غياب السيناريو، من خلال الحوارات التي يظهر عليها “الترقيع” فقط، حيث تلجأ شركات الإنتاج إلى أبسط الطرق، حيث تتعاقد مع هواة في الكتابة وتستبعد المحترفين اقتصادا في الميزانية، وهو ما يؤثر سلبا على الإنتاج التلفزي.
ليس السيناريو شيئا مكملا للإنتاج بل هو لحمته وسداه، ودون سيناريو محبوك لا يمكن أن يخرج العمل جيدا للمشاهد، وفي كل السلسلات دون استثناء، تلحظ أن الحلقات الأولى تمت العناية بها كتابة وإخراجا وتصويرا، أما بعد الحلقة الخامسة أو السادسة تدخل العملية مرحلة الترقيع.
غياب الحوار تدل عليه نمطية الممثلين، وأداؤهم المتكرر والمتشابه مع السنوات السابقة ومع أعمالهم الأخرى، بمعنى أنه لا يوجد حوار يتفاعل معه الممثل، ولكن الممثل يمارس طريقته في التنكيث فتهيمن على السيناريو مما يجعل العملية الإبداعية غائبة ويتم تعويضها بالتنكيت البئيس لبعض الممثلين، الذين يرددون بعض اللازمات التي لا لزوم لها في الإنتاج التلفزي.
ويلاحظ التمطيط في بعض الأفكار على علاتها وأحيانا التوسع في بعض النكت القديمة، التي لم تعد تضحك الندماء ناهيك عن مشاهدي العمل التلفزي، وفي كثير من الأحيان يتم نقل الواقع كما هو دون أية لمسة فنية.
بعد عملية التتبع يتبين أن القائمين على العمل كتلميذ لا يحفظ دروسه جيدا وأثناء الاستظهار يشرع في الترديد بسرعة حتى ينهي القراءة ويعد إلى مكانه، وهكذا ترى العملية كلها كأنها أصحابها مضغوطين بالوقت يريدون إنهاء العمل بأي ثمن كان.
أحيانا يتم الاعتماد على متخصصين في كتابة السيناريو، لكن تخصص تقني، بينما السيناريو يتطلب إلى جانب المعرفة التقنية نوعا من الأفكار والثقافة التي تؤطر صاحبها، بمعنى أن كاتب السيناريو ينبغي أن يكون كاتبا لديه القدرة على الخيال والإبداع، فالمتتبع للإنتاج التلفزي يلاحظ فقرا في الإبداع والتخيل، وكل الإنتاجات تدور في فلك موضوعات محددة، بل حتى العناوين لا تجد فيها إبداعا، وإنما نقلا أو تكرارا. وخلطا بين السيناريو والحوار وأحيانا يؤديها شخص واحد.
فالسيناريو والحوار يمكن اعتبارهما وجهان لعملة واحدة، والغاية الأساسية من السيناريو هي كتابة المسار الذي سيجري عليه الفيلم أو المادة المصورة، والحوار هو ما يدور من أحداث كلامية مختلفة بين شخصيات المادة المصورة، وعملية كتابة السيناريو والحوار هي عمليّة تحتاج إلى تركيز كبير بل خيالا خلاّقا.