في كل عمل إبداعي يتجاور المضمون مع الشكل، بل يعتبر الشكل هو القالب أو الكأس التي تحتضن المضمون، وأحيانا يغيبان مجتمعين عن العملية الإبداعية فتكون الكارثة مكتملة، وهذا ما ينطبق أساسا على بعض الأعمال الرمضانية، التي تقدمها القنوات، التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، التي تتراوح بين الضعف التام وبين متوسطة الإنتاج، لكن يستحيل الحديث عن عمل متقون بشكل جيد خاضع لكل قواعد العمل الإبداعي.
ومما يدل على أن المضمون في الإنتاج الرمضاني هو مجرد “خضرة فوق طعام” هو الغياب التام للموضوع الذي يسيطر على أذهان ووجدان المغاربة اليوم، ويتعلق الأمر بجائحة كورونا. ألم تكن الظروف التي فرضتها الجائحة ممكنة التناول في عمل كوميدي أو درامي؟ أليست الظروف التي فرضتها الجائحة يمكن أن تخلق سخرية سوداء؟ لماذا لم يتناول أي عمل التداعيات النفسية والاجتماعية للجائحة ومخلفاتها؟ ألم يكن حريا بكتاب السيناريو أن يتعاطوا مع التحولات التي عرفتها العلاقات الاجتماعية خلال كورونا؟
كان بالإمكان تناول فترة الحجر الصحي الشامل لمدة ثلاثة أشهر لإبداع دراما جميلة تناقش تأثير الإغلاق على نفسية الإنسان المحجور. بل كان بالإمكان تحويلها إلى سلسلة هزلية بطلها إنسان متوتر من جراء الجلوس في البيت وكيف حوّلت الجائحة علاقته بعائلته سواء سلبا أو إيجابا.
دليل آخر على أن الإنتاج التليفزيوني مجرد ملأ للفراغ ورفع للعتب وإنهاك للميزانية العمومية، هو أن الإبداع لا يعكس حركية الواقع، فكثير من الإنتاجات تستهلك ملايين السنتيمات لكنها لا تؤدي رسالتها بما فيها الفرجة، التي هي أصل العمل الإبداعي، بينما كان مسرحنا المغربي يكتفي بديكور بسيط ويحمل رسائل كبيرة ناهيك عن عملية الإضحاك.