محمد عفري
تفرض التلفزة المغربية بقناتيها،” الأولى” و”دوزيم” على المتلقي تتبع وصلات إشهارية لمواد استهلاكية مختلفة، يجد المواطن المغربي نفسه مضطرا إلى تتبع محتوياتها والتأثر بها إلى درجة الانسياق إلى البحث عن استهلاكها، وفي ذلك أنجع طرق التسويق التي يصبو إليها وسطاء “الماركوتينغ”، أي وكالات الإشهار في علاقاتهم مع شركات المنتجات الاستهلاكية، يؤكد مصدر مطلع .
المصدر ذاته أكد أن الوكالة المرتبطة بسوق الإشهار في السمعي البصري المغربي و في شقه البصري بالضبط ،هي واحدة وتشكل قوة ضغط قاهرة ، ليس على شبكة البرامج خلال شهر رمضان الذي يشد إليه أنظار المشاهدين في استهلاك غير مسبوق طوال السنة للمنتوج التلفزي، وإنما قوة ضغط على الاختيارات الممكنة لعرض الإنتاجات” المعروضة” في الأوقات التي تراها مناسبة ضمن وقت الذروة، وهي وقت حلول الإفطار ارتباطا بآذان المغرب إلى ما بعد حلول صلاة العشاء وإلى منتصف الليل.
إذا كان تقرير المجلس الأعلى للحسابات، لسنة 2019 قد كشف عن احتكار وكالة واحدة للإشهار فقط، لسوق الإشهار في كل من القناة الثانية وقناة وراديو “ميدي1″ و القناة الأولى، مشيرا إلى أنها تستغل نسب المشاهدة المرتفعة في القناة الثانية، لتسويق مساحات إعلانية لمنتجات استهلاكية منافسة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف أن يطوق هاجس الإفلاس قناة دوزيم عند كل جرد مالي سنوي بمتوسط خسائر سنوية تقارب 5 ملايير درهم، وذلك مقابل حجم وصلات الإشهار للمواد الاستهلاكية التي تعرضها بشكل مكثف ليس طوال شهر رمضان الذي تشتد فيه ذروة المشاهدة التلفزية، وإنما على مدار السنة كلها، بل إن السؤال يلح على استقصاء حجم هذه العائدات المستخلصة من الوكالة المستغلة لسوق الإشهار بالنسبة للأولى كما بالنسبة للقناة الثانية في ظل صرفهما لعشرين مليار على الإنتاجات المختلفة المعروضة خلال رمضان الحالي (12 مليار للقناة “الأولى” و 8 ملايير لـ”دوزيم”).
في سياق الحديث عن إكراه المشاهد المغربي على تتبع وصلات إشهارية لمنتجات استهلاكية خلال عرض الإنتاجات التلفزية، أكد المصدر المذكور أن حماية المشاهد بصفته مواطنا مستهلكا أصبحت ضرورية، بعيدا عن الحماية النوعية التي تتحمل مسؤوليتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، علما أن أقصى الحماية التي يمكن أن توفرها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ( الهاكا) هي فرض غرامة مالية على القناتين في حال عدم احترامهما السقف الزمني المحدد لبث الإعلانات التجارية خلال العرض وخلال رمضان بالضبط باعتبار تجاوز هذا السقف واحدا من التجاوزات للأسقف والحدود المسموح بها، لإدراج الإشهار حسب مقتضيات دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ( الأولى)، وسورياد (دوزيم) خلال ساعة مسترسلة.
وتبقى حسب مصدر “النهار المغربية” الحماية التي تعنى بها الكثير من الجمعيات والمؤسسات مغيبة على الرغم من الأضرار الجسيمة التي يتكبدها المتلقي المغربي من مختلف الأعمار وهو يستهلك الإنتاجات التلفزية المتنوعة من كوميديا و دراما أوترفيه وتتقيف، خصوصا عندما يصبح زمن عرض الوصلات الإشهارية أكثر من إجمالي المدة الزمنية المخصصة للمنتوج التلفزي، وخصوصا أيضا عندما تلح الوكالة المكلفة بسوق الإشهار على عرض مواد استهلاكية مقرفة ومحرجة من قبيل ورق المراحيض ومن قبيل الفوطة الصحية النسائية في أوقات الذروة التي تجمع الأسر المغربية على موائد الإفطار.
القناة الأولى والقناة الثانية حاولتا في تنافس غير مسبوق إلى شد أعلى قدر من المشاهدين خلال رمضان الحالي، وهو التنافس الذي تميزت فيه القناة الأولى، على الرغم ن العديد الانتقادات الموجهة إلى المحتوى، وذلك بتحقيق أعلى نسب المشاهدة من خلال “تخصص” نوعي في فن الدراما بمسلسلات مغربية و في الثقافة و الترفيه عبر أشرطة وثائقية تاريخية واستطلاعية غير مسبوقة وبرامج ترفيهية نوعية تدخل في باب نسق جديد من السهرات الأسبوعية. بينما حاولت دوزيم اللعب على حبل الكوميديا المستهلكة في إطار الكاميرا الخفية وسيتكومات وجهت إليها سهام النقد بكونها نمطية ومكررة في قوالب مستجدة لكنها مقرفة، نقد يتجدد يوما عن يوم خلال رمضان الفضيل خصوصا أن الغلاف المالي المخصص لهذه الإنتاجات الرمضانية فاق العشرين مليار بين القناتين، يبقى فيه إشهار العديد من المواد الاستهلاكية بشكل مسرف هو سيد الشاشة على حساب المشاهدين.