احتضن مسرح محمد الخامس بالرباط، مساء اليوم الخميس، عرض مسرحية “إهانات عادية”، لمخرجها الغيني حكيم با، وذلك ضمن الدورة الأولى من مهرجان المسرح الإفريقي، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بشراكة مع جمعية شعاع القمر، في إطار فعاليات الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية.
وتشخص أدوار هذه المسرحية التي تتخذ من الهجرة السرية تيمة لها، ثلاث شخصيات تتناوب بشكل انفرادي، في أغلب أطوار العرض، على شكل “مونولوج” يناجي من خلاله كل ممثل ذاته ويكشف للجمهور أوجه المعاناة التي يعيشها المهاجر السري عندما يقدم على “مغامرة” الهجرة السرية.
وسرعان ما يتحول العرض إلى مشهد “مونودرامي” مطول، عندما يقوم (المهاجر السري) بسرد الخيبات التي توجع روحه، وتجده يغوص بالمتفرج داخل حبكة تراجيدية، يحكي فيها المحطات المأساوية التي يمر منها خلال رحلته على متن “قوارب الموت” في سبيل تحقيق أحلامه.
ويكون الحكي مرفقا بنغمات قيتارة، أحيانا تكون خافتة وهادئة وكأنها تهمس في أذن المتفرج وتجعل خياله يسافر مع الممثل في هذه الرحلة، وأحيانا أخرى تكون صاخبة، عندما تعلو نبرة صوت الممثل في سرده لبعض المواقف التي يفقد فيها السيطرة على أعصابه.
وفي تصريح صحافي بالمناسبة، قال مخرج المسرحية، حكيم با، إن المسرحية تتناول تيمة الهجرة السرية وتعطي الكلمة للمهاجر السري باعتباره “البطل الرئيسي” لهذه الإشكالية، لإسماع صوته ومعاناته لكل مكونات المجتمع.
وأضاف أن المسرح يساهم في تقريب الجمهور العريض من معاناة المهاجرين السريين، “لأن الجميع يشاهد مآسي الهجرة السرية على شاشات التلفاز، لكن تمرير ذلك عن طريق عرض مسرحي يجعل المشاهد يحس أكثر بتلك المعاناة”.
كما أبرز أن هذا العرض المسرحي هو كذلك مبادرة لتعزيز النقاش حول هذه الإشكالية داخل القارة الإفريقية، “ولم لا المساعدة على تحسيس الشباب بمخاطر الهجرة السرية لثنيهم عن المخاطرة بحياتهم”.
وحكيم با هو كاتب مسرحي وروائي غيني، من مواليد مدينة مامو – غينيا، يعتبر من الأسماء الصاعدة في سماء المسرح الإفريقي، حاصل على ماجيستير في الإخراج والدراما، من جامعة “غرب باريس نانتير لاديفونس” بفرنسا.
وحصل با على العديد من الجوائز الدولية، مثل جائزة المسرح التي تمنحها إذاعة فرنسا الدولية لتشجيع الكتابات المسرحية الفرنكوفونية المعاصرة، عن مسرحية “إهانات عادية”، وجائزة “أيام ليون لمؤلفي المسرح”، وجائزة الكتابة المسرحية لمدينة غيراند (Guerande).
وتتواصل فعاليات الدورة الأولى من مهرجان المسرح الإفريقي إلى غاية 30 أبريل الجاري، بمشاركة فرق مسرحية من 10 دول إفريقية مختلفة هي، إلى جانب المغرب، جمهورية الكونغو الديمقراطية، وغينيا، وبوركينا فاسو، وبوروندي، ومالي، والكاميرون، وكينيا، وجزر القمر والبنين.
وعلاوة على العروض المسرحية المتنوعة، تقترح هذه الدورة اجتماعات وموائد مستديرة توفر للجمهور المتتبع مساحة مميزة للمحاورة وتبادل الأفكار حول “وضعية المسرح في إفريقيا”، و”كيفية إعادة التفكير في المهرجانات في إفريقيا” و”كيف يمكن خلق ديناميكية بين معاهد المسرح في القارة الإفريقية”، وكلها قضايا تغذي نقاشات فعالة حول راهنية المسرح في إفريقيا.