تم مساء الاثنين بالرباط، عرض الفيلم التنزاني “الثوار” (Vuta N’Kuvute) لمخرجه أميل شيفجي، والذي يعد بمثابة دعوة للإفادة من تجارب التحرر من الاستعمار بالقارة الإفريقية لتحرير الذات ومقاومة أشكال الاستعمار الجديد.
الفيلم الذي تم عرضه في إطار الدورة الأولى لتظاهرة أيام السينما الإفريقية بالرباط، بحضور مخرجه، يحكي قصة حب خلال آخر سنوات الاحتلال البريطاني لزنجبار (1950)، تجمع بين دينجي وهو شاب متمرد ومحبط، وياسمين، الفتاة الهندية- الزنجبارية، التي فرت تحت جنح الظلام من رجل تزوجها وهو يكبرها بثلاثة أضعاف عمرها.
تبدأ القصة بهروب ياسمين من زواجها القسري وعودتها إلى زنجبار حيث ينبذها أهلها، فتلجأ إلى ضواحي جزيرة معزولة، وتلتقي ياسمين بدينجي الذي وهب حياته لنضال الاستقلال من الحكم البريطاني، وتجد نفسها في معركة نضالية من أجل تحريره بعد اعتقاله بسبب نشاطه.
وقال مخرج الفيلم في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة، إن هذا العمل السينمائي (2021) يرصد قصة شاب يحمل الفكر الاشتراكي وفتاة ضحية زواج قسري، يحبان بعضها، يسعى أولهما إلى تحرير بلاده والثانية إلى تحرير ذاتها، وكلامها عمل لا يتحقق دون تحقق الآخر.
وأضاف شيفجي أن ما يميز فيلمه هو كونه مقتبسا من رواية شهيرة في بلاده تحمل العنوان نفسه للكاتب آدم شافي، درسها أيام كان يدرس في سلك التعليم الثانوي، وهي أيام كان يحلم فيها ان يضبح مخرجا سينمائيا، مضيفا أن تحويله الرواية إلى فيلم بمثابة “طريقة لأحكي التاريخ وأنظر خلاله للحاضر”.
وعن دور الفن السابع في مقاومة الاستعمار، قال شيفجي إن السينما تعد “وسيلة قوية للتواصل والمقاومة وفهم التاريخ، وكذا وتشريح السياسات المعتمدة اليوم”، مضيفا أن السينما الإفريقية برزت في الأصل من موقع نضالي وتبنت خطابا مقاوما منذ ستينيات القرن الماضي”.
وبحسب المخرج التنزاني، فإن السينما ساهمت منذ ذلك العهد في “مقاومة التيار العام والوضع القائم. وشكلت بيانا للاستقلال والتحرر السياسي”، مشددا على أن رسالتها تكمن في “أننا أفارقة لنا أصواتنا التي يجب أن تسمع، ونحن من يجب أن يرفع هذه الأصوات. إن هذا شكل من أشكال مواجهة الاستعمار الجديد”.
وإضافة إلى فيلم “الثوار”، تشهد أيام السينما الإفريقية بالرباط عرض سلسلة من عروض الأفلام الروائية الأفريقية والأفلام القصيرة المفتوحة للجمهور.
يشار إلى أن الفيلم التنزاني “الثوار” فاز بالجائزة الذهبية لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة برسم الدورة الثالثة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية (2022).
يذكر أن تظاهرة “أيام السينما الإفريقية” بالرباط تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من مؤسسة هبة، وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وذلك في إطار احتفالات الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية 2022.
وتهدف هذه التظاهرة التي تتواصل إلى غاية 16 مارس الجاري، إلى الترويج لصناعة السينما في القارة وللمعرفة الفنية للقارة، وتعزيز التآزر والتعاون بين بلدان الجنوب التي تساهم في استدامة صناعة السينما بها.