تبدأ المخرجة الفلسطينية مي المصري في التأريخ لأحداث فيلمها الوثائقي “بيروت في عين العاصفة” من 17 أكتوبر 2019 وت نهيه يوم 4 أوت 2020، وهو تاريخ الانفجار الهائل الذي هز مرفأ بيروت وخل ف أضرارا كبرى بالمكان وبالأحياء المحيطة به.
وخلال هذه المد ة الزمنية التي ناهزت 10 أشهر، ت رافق مي المصري بعدستها 4 فتيات هن “ميشيل” و”نويل” وهما أختان تسل حتا بالغناء والموسيقى للتعبير عن الواقع، و”حنين” الفتاة المحجبة التي تنحدر من البقاع ونزلت بيروت للالتحاق بكلية الإعلام. أما الفتاة الرابعة فت دعى لجين، وهي عراقية أقامت ببيروت لمدة سبع سنوات، وتعمل في مجال التصوير والإخراج.
وتم عرض هذا الفيلم خلال افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان أفلام حقوق الإنسان “كرامة تونس” (4 – 8 مارس 2023) بحضور ثل ة من السينمائيين والناشطين الحقوقيين.
تستهل المخرجة فيلمها بمشاهد من الاحتجاجات السلمية في لبنان، ثم تغوص بعدستها في عمق هذه الاحتجاجات لت برز شخصيات الفيلم وحضورهن في هذه المظاهرات. ومع تقد م الأحداث في الفيلم، ت خرج مي المصري المتفر ج من دائرة الاحتجاجات لترك ز اهتماماته على شخصيات الفيلم، بعد أن منحتهن مجالا للكلام والتعبير عن أفكارهن ومشاعرهن وأحلامهن .
تنحدر الفتيات الأربع من بيئات مختلفة، لكن جمعتهن الاحتجاجات الشعبية ووح دت مطالبهن المتمثلة في مقاومة استفحال البطالة وتدني المقدرة الشرائية وغلاء الأسعار وإفلاس البنوك. وتتفق الفتيات أيضا في حديثهن أمام الكاميرا على أن الطبقة السياسية في لبنان هي المسؤولة عن الأزمة التي يعيشها البلد بسبب ما وصفنه بالفساد السياسي المتغلغل في الدولة. وتتطل ع الشابات إلى حياة أفضل تقوم على الحرية والتنوع والاختلاف تحت راية الانتماء للبنان وحب الوطن.
ولكن الأمل المعل ق للفتيات على الاحتجاجات في التغيير السياسي، سرعان ما بدا في التلاشي مع انتشار فيروس كورونا وفرض الحجر الصحي بالبلاد، الذي حو ل حالة الغليان في الشوارع إلى أماكن شبه مهجورة، لتليها إثر ذلك فاجعة انفجار المرفأ التي جعلت شعلة الأمل تأفل وأخمدت نيران الاحتجاجات الشعبية التي عل قت عليها الفتيات آمالا واسعة في الحرية والتغيير.