(.سمير لطفي)
تعمل مدينة قلعة السراغنة ذات التاريخ التليد، من خلال تنظيم مهرجانها الأول الموجه حصريا إلى النهوض بالفنون الشعبية وتثمينها، على إماطة اللثام عن إرث كبير يشكل جزءا لا يتجزء من الذاكرة الجماعية لمنطقة برمتها، وعلى نقله إلى أجيال المستقبل، ومن ثمة ضمان استدامته. فعلى غرار كل مدينة من مدن جهة مراكش – آسفي، تتوفر قلعة السراغنة على مهرجان موجه للتراث الشعبي، إسوة بمدن الصويرة بمهرجان كناوة، ومراكش من خلال مهرجان الفنون الشعبية، وآسفي عبر مهرجان العيطة، مما يعكس تنامي الوعي بضرورة إعادة إحياء هذا الإرث، ونقله إلى الأجيال الصاعدة.
هو إذن اختيار حصيف من قبل مدينة قلعة السراغنة ياحتضان مهرجان يرد الاعتبار لمنطقة فلاحية خصبة، ولإرث حضاري ولممارسات تعود لآلاف السنين، وتعلق وجداني بالأرض. هذه الأرض التي تعد موئل الساكنة المحلية التي هبت للذود عنها خلال فترة الحماية، وشكلت مناط المتون والأغاني التي صدح بها “معلمو” الفنون الشعبية. وتنكب هذه المتون الشعبية، التي يتم التغني بها محليا، على تيمات متعددة تتصل بالمعيش اليومي للساكنة المحلية، في أفراحها وأقراحها، وأيضا للمحصول الجيد. ولأجل ذلك تحظر هذه الفنون الشعبية بتنوع إيقاعاتها وأهازيجها في مختلف التظاهرات السرغينية، على غرار الزيجات وحفلات الإعذار والخطوبة. وتأتي الدورة الأولى للمهرجان الجهوي للفنون الشعبية بقلعة السراغنة، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، إلى غاية 2 أكتوبر المقبل، تحت شعار “الفنون الشعبية السرغينية ذاكرة وحضور”، من أجل العودة إلى الأصل، وتجديد الوصل مع التراث الغني، الذي من شأنه الإسهام في التنمية المحلية، وتعزيز جاذبية المنطقة.
وإضافة إلى أبعاده الفرجوية، يمثل المهرجان الجهوي للفنون الشعبية “تمرينا” ذا قيمة مضافة عالية، لكونه يمتح من تاريخ منطقة برمتها، ويرسي قنوات بين الماضي التليد والحاضر المشرق والمستقبل الواعد للجهة عموما، والتي تختزن إمكانات تنموية هامة.
وفي تصريح لقناة (إم 24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الحسن شوقي، الأستاذ الجامعي المتخصص في تاريخ مدينة قلعة السراغنة، تجذر الفنون الشعبية في المعيش اليومي للساكنة السرغينية، مستشهدا بالفنانين الشعبيين الذين ينتمون للمنطقة، والذين كانت تطلق عليهم في ما مضى تسمية “رباعة لشياخ” التي تتألف من النساء والرجال، وتنشط الأعراس والزيجات، خصوصا في موسم الصيف، على اعتبار أنه ينبئ بقدوم الحصاد الوفير ونمو الأنشطة الاقتصادية.
وأوضح أن الساكنة المحلية توثر إحياء هذه المناسبات في حبور وسرور، ومن ثمة، تعكس سخاء وكرم المنطقة، كما تحتفي بالفنون الشعبية وإيقاعاتها وأهازيجها. بدوره أكد الباحث سعيد أخي أن قلعة السراغنة ليست استثناء من مناطق المغرب التي تتجذر فيها الفنون الشعبية، مشيرا إلى ظاهرة “ترحال” رواد الفنون الشعبية من منطقة لأخرى، ودورها في النهوض بهذه الفنون. وأوضح أن منطقة السراغنة كانت شاهدة على كل أشكال “الفرجة الشعبية”، من قبيل الحلقة والعيطة، والرما، وأن الفرد كان يعبر عن فرحه وقرحه، من خلال هذه التعبيرات الشفهية، لافتا إلى تعلق الساكنة بالأرض والتراب، كجزء من الهوية المحلية والوطنية..وكشف أن الفنان الشعبي …