منذ استقرار القبائل الأمازيغية في المغرب، انهمكت نساء، على مر الزمن، في نسج الزربية متعددة الأشكال والألوان، حاكتها أيادي النساء الشغوفات والمبدعات، مما مكن المغرب من الاغتناء برصيد متنوع وواسع يضم، وإلى جانب الزربية الأمازيغية، الزربية الرباطية والشيشاوية وزربية تازناخت على سبيل المثال.
من منا لم ينبهر أمام جمالية تحفة زربية رباطية، أو دقة نسيج زربية أمازيغية، أو زركشة الألوان المخضبة بالحناء التي تميز زربية الأطلس الكبير؟ إذ وإن ظل الجمال أمرا ذاتيا، غير أن الزربية التقليدية المغربية تشكل موضوع إجماع وتحظى بصيت على الصعيد الدولي.
في المغرب لا يخلو أي منزل أو غرفة أو مسجد أو الداخل من الزرابي. إذ أن هذه القطعة الزخرفية التي تعتبر عنصرا من عناصر الراحة الضرورية للحياة اليومية تحتل مكانا متميزا داخل البيت المغربي. غير أن منتوجات الصناعة التقليدية تصطدم بالمنافسة الأجنبية.
فمع ظهور السجاد التركي أو الصيني أو الفارسي أو السوري في السوق المغربية، والتي تباع بأسعار تنافسية وبجودة مرضية، استهوت المستهلك المغربي. إذ يفضل الكثيرون اقتناء سجادة صناعية مستوردة بدلا من دفع كلفة باهظة من أجل سجادة محلية مصنوعة يدويا.
وإذا كان من الممكن الجزم بأن الزربية التقليدية المغربية تعد أكثر كلفة من تلك المصنعة، غير أنها تحمل في ثناياها تاريخا وإرثا متجذرا منذ القدم.
في مقال تحليلي حول “الزرابي والمنسوجات المغربية”، يبرز الخبير في الفن الأمازيغي، بيرت فلينت “إلى أن فن الزرابي هو “فن شعبي” حقيقي في عدة جهات المغرب. “شعبي” لأن غالبية الناس يشاركون في صنعه وهو أيضا “فن” لكون الفرد يرتقي إلى المستوى الفني انطلاقا من مميزات اللغة الجماعية الخاصة بالزربية المصنوعة يدويا”.