MAPA 27/07/2022 22:12 – 0223
المغرب/عيد العرش/ثقافة/نمو =متوقع=
الرباط/ 27 يوليوز 2022 (ومع) يقال إن “الإنسان بلا ثقافة كالشجرة بلا ثمار”، وما ينطبق على الإنسان ينطبق أيضا على الدول والمجتمعات. ففي زمننا الحالي، صارت عظمة الدولة تقاس، بالإضافة إلى “قوتها الصلبة” (القوة الاقتصادية، الوزن الجيوستراتيجي، إلخ)، بمقياس القيمة التي توليها لثقافتها الوطنية وقدرتها على جعلها أكثر من مجرد وسائل ترفيهية للناس، رافعة للنمو الاقتصادي والتنمية البشرية والتماسك الاجتماعي.
وباعتباره بلدا ذا تراث ثقافي يرجع تاريخه إلى آلاف السنين، ويتسم بكثافة وتنوع استثنائيين، لا يمكن للمغرب تجاهل هذا العنصر الأساسي في أي مقاربة تنموية مستدامة وشاملة.
وفي عهد جلالة الملك محمد السادس، نال الشأن الثقافي القيمة التي يستحق، حيث جعل منه جلالته منذ توليه العرش أولوية وطنية. ففي خطابه بمناسبة عيد العرش لسنة 2013، أكد جلالة الملك أنه “اعتبارا لما تقتضيه التنمية البشرية، من تكامل بين مقوماتها المادية والمعنوية، فإننا حريصون على إعطاء الثقافة ما تستحقه من عناية واهتمام، إيمانا منا بأنها قوام التلاحم بين أبناء الأمة، ومرآة هويتها وأصالتها”.
وبفضل هذا الاهتمام الملكي الكبير، صار الوعي بالشأن الثقافي كأولوية تنموية يتسع بشكل متواصل في المشهد السياسي والفضاء العمومي. وهو وعي ينعكس على عدة مستويات: في الدستور، في السياسات العمومية، وأخيرا وليس آخرا، في النموذج التنموي الجديد الذي يمنح الثقافة مكانة مرموقة.
– الثقافة أولوية من أولويات السياسات العمومية
بدءا بالمكتسبات الدستورية، ينص الفصل 26 من دستور سنة 2011 على أن “السلطات العمومية تدعم بالوسائل الملائمة، تنمية الإبداع الثقافي والفني”، وهو ما يجب أن يعكس من الآن فصاعدا التنوع الثقافي للمملكة ويمثله روافدها المختلفة: العربية والأمازيغية والإفريقية والحسانية واليهودية.
وقد وفرت هذه المكتسبات الدستورية التي تعد ثمرة الإرادة الملكية والتوافق الشعبي، أساسا متينا لازدهار ديناميكية التجديد الثقافي التي يمكن تلمس آثارها على مستوى البلد والجهة والمجتمع.
وبعيدا عن التصور التقليدي الذي يميل إلى اعتبار الثقافة بمثابة “الكرزة التي توضع فوق الكعكة”، يحتل هذا العنصر اليوم مكانا مركزيا في السياسات العمومية واستراتيجيات التنمية، كقطاع يؤتي ثماره من حيث خلق فرص الشغل والثروة، ولكن أيضا من حيث جاذبية الجهات والتماسك والسلم الاجتماعيين.
وفي ظل قيادة جلالة الملك، تم إطلاق مشاريع هيكلة على مدى العقدين الماضيين، ضخت دماء جديدة في المشهد الثقافي (الترويج للثقافة الأمازيغية وإنشاء المؤسسة الوطنية للمتاحف وتثمين التراث غير المادي وخلق مهرجانات موسيقية وأعمال سينمائية ذات صيت عالمي).
– الثقافة قاطرة للتنمية المحلية
بالموازاة مع هذه الدينامية الوطنية، تم إعطاء دفعة للمشهد الثقافي الجهوي، بخلق بنيات تحتية ثقافية متعددة وموزعة على كل جهات المملكة (المراكز الثقافية، مسارح المدن، المعاهد الموسيقية، المكتبات، المتاحف) وسلسلة من التظاهرات السنوية (مهرجانات ومواسم ومعارض ومؤتمرات، إلخ)، التي تعزز تراث كل منطقة وتدفع عجلة الاقتصاد المحلي.
هذه الأجندة الثقافية الجهوية، التي تركز بشدة على التظاهرات، في حاجة لطابع مؤسسي وجعلها دائمة من أجل تحسين وقعها على السكان وجعلها ركيزة للتنمية المحلية المستدامة.
*(مريم الرقيوق و.م.ع)