حجزت السينما الهندية، وهي الأكثر غزارة في الإنتاج عالميا ، موقعا لها ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي هذا العام وسوق الأفلام التي تقام خلاله، لكنها لا تزال أمام تحدي استقطاب جمهور أكثر تنوعا حول العالم من دون فقدان قوتها الجاذبة في السوق الهندية العملاقة.
ولاحظ مدير سوق الأفلام، الفرنسي جيروم بايار، أن السينما الهندية التي كانت ضيفة الشرف في السوق هذه السنة “قد تكون أمام منعطف، وأن ثمة نوعا من التجديد فيها”.
وكان النجاح الذي حققته أفلام باللغة الهندية قبل نحو عشر سنوات، على غرار “ذي لانشبوكس” (2013) من بطولة النجم البوليوودي عرفان خان، وراء اهتمام الموزعين السينمائيين بالهند. إلا أن “أي شيء تقريبا لم يحصل مذ اك”، على قول بايار، مع أن “ثمة عددا من مشاريع الأفلام نجدها مثيرة للاهتمام”.
وحضر إلى كان في مناسبة المشاركة في السوق وفد هندي كبير يضم وزيرا ، وأتيحت له فرصة التواصل مع موزعين من كل أنحاء العالم، وعرض مشاريع أفلام سعيا إلى الحصول على تمويل.
ويفوق الإنتاج السينمائي الهندي بأشواط حجم ما ينتجه أي بلد آخر، إذ يصل عدد الأفلام إلى نحو 2000 سنويا . وتتوجه هذه الأفلام إلى سوق ضخمة تتمنى أي صناعة سينمائية في العالم لو تحظى بمثلها، نظرا إلى أن عدد سكان الهند يبلغ نحو 1,4 مليار نسمة، وإلى أن الطبقة الوسطى فيها تشهد تناميا كبيرا ، فضلا عن توافر شبكة ضخمة من دور السينما وانتشار واسع في دول الشتات.
وتتسم السينما بميزة أخرى، وهي أنها نجحت في إثبات حضورها في دول لا ينطق سكانها بالهندية، كالصين ومصر ونيجيريا.
لكن هاجس تلبية الأذواق الهندية يحول أحيانا دون انطلاق هذه السينما إلى آفاق ابعد، على ما شرح براناد كاباديا، رئيس شركة “موفي غويرز إنترتينمنت” التي تتخذ من إنكلترا مقرا وتنشط في مجال توزيع الأفلام الهندية.
وقال لوكالة فرانس برس على هامش مهرجان كان السينمائي “نحن مستقلون جدا”.
وأوضح كاباديا أن “أي مخرج يطمح طبعا إلى أن يلقى عمله رواجا لدى كل فئات الجمهور. لكن رغبته في الوصول إلى جمهور خارج بلده قد تؤدي إلى تنفير جمهوره الأساسي”.
ولفت بايار إلى أن المخرجين المستقلين في الهند الذين قد يثيرون اهتمام المهرجانات السينمائية غالبا ما يواجهون صعوبة في الحصول على تمويل من أهم المنتجين أو من الحكومة.
غير إن الحال لم تكن دائما كذلك. ففي خمسينات القرن العشرين وستيناته، ابتعد جيل من المخرجين الهنود عن الأفلام الموسيقية التقليدية وحظي بدعم من الحكومة، أشهرهم ساتياجيت راي (صاحب فيلم “جلساغار” أو بالعربية “غرفة الموسيقى”) الذي فاز بجوائز في مهرجاني برلين والبندقية.
ولكن مع نمو الإنتاجات الكبرى في السنوات الأخيرة، طغت الأعمال البوليوودية الجماهيرية على هذه الأفلام المستقلة.
ولا يزال كثر يحاولون كسر هذا القالب، كما كانت الحال مع فيلم “إنغليش فينغليش” (2012) الذي لقي استحسان الجمهور في الهند ولدى الهنود الموجودين في دول الانتشار، قبل دبلجته أو ترجمته إلى 12 لغة أخرى.