اختتم مهرجان “عبير القنيطرة”، مساء الأحد 22 ماي، بتقديم عرض جديد لمسرحية “المعادن” التي قدمتها فرقة مسرح الملتقى في المركز الثقافي لمدينة القنيطرة، بدعم من مسرح محمد الخامس.
المسرحية التي ألفها الكاتب والممثل المبدع محمد الجم وأخرجها الفنان حسن بوعشراوي، شارك في تشخيصها كل من: سعيد البحري، محمد عزام بهلول، رضوان إبراهيمي، أيوب الحنيش، صفاء التباع، زاهو الهواوي، حسن بوعشراوي.
يطرح هذا العمل الفني في قالب فرجوي متنوع، نماذج من السلوكات الإنسانية في مجتمع يحبل بالتناقضات والعلل، ويتطلع للأمل من أجل بناء المستقبل. إنها شخصيات متباينة المشارب ومختلفة الأفكار، تتصارع من أجل إثبات الذات وتحقيق أبسط متطلبات العيش.
ويسعى المخرج من خلال هذا العمل إلى ربط الماضي بالحاضر، عبر الاشتغال على نص مسرحي يعود تأليفه إلى بداية السبعينيات، وينتمي إلى سلسلة نصوص تؤرخ لارتباط محمد الجم بمسرح الهواة في تلك المرحلة، من حيث عمق الرؤية وجدية الخطاب وتعدد الدلالة. ومن بين تلك النصوص: الگرنة، المشكال، البوق، أوليدات الحرفة.
وكتب الناقد والباحث حسن يوسفي عن هذا العمل: “مسرحية المعادن نص مسرحي مجازي، يتحدث بلغة الاستعارات عن نماذج بشرية، يجسد كل واحد منها معدنا خاصة، هي: القصدير، والنحاس، والحديد، والذهب. ومثلما أن لكل معدن عياره، فإن الناس معادن أيضا، ولكل منهم مقامه وصورته بين الناس، كما أن له وزنه في ميزان العلاقات الاجتماعية المبنية على التنافس والغش والنفاق والدسائس، وغيرها من القيم السلبية التي تنخر المجتمعات البشرية.”
وأضاف في دراسة نشرها في مجلة “المسرح” الإماراتية “لقد راهنت مسرحية «المعادن» على حضور الأجواء المغربية في العرض، وذلك من خلال المواقف الساخرة التي تستثمر خصوصية الموضوعات المضحكة بالنسبة للمتلقي المغربي، وكذا من خلال أساليب الكشف عن سلوكات الناس بصيغ مجازية تستقي مادتها من الرصيد الشفوي المغربي، بما فيه من أمثال وحكم وتعبيرات متداولة بين الناس.”
ويرى يوسفي أن مسرحية “المعادن” التي تحمل عنوانا قد يعد كلاسيكيا، وعلى الرغم من استعادتها لصور متداولة عن الناس بحسبانهم معادن لا تتساوى في القيم والمقام، إلا أنها استطاعت أن تحقق تفاعلا مع الجمهور الحاضر للعرض على قلته، ففرجتها من النوع الخفيف والمسلي الذي يعتمد مزيجا من الكلام الموزون واللعب المضحك والسخرية اللاذعة، لكنها أيضا فرجة جادة تحمل رسالة نبيلة، وتكشف معادن الناس، وتنتقد القيم السلبية السائدة في مجال العلاقات الإنسانية اليوم.
كما سبق للكاتب المغربي العربي بنجلون أن سجل انطباعه مباشرة بعد مشاهدة العرض ما قبل الأول لمسرحية “المعادن” في المركز الثقافي لمدينة القنيطرة، حيث دون على صفحته “الفيسبوكية” ما يلي: “مساء هذا اليوم، لم يذهب سدى.. جنينا متعة لا تعدلها متعة في الدنيا.. شاهدنا مسرحية “المعادن” ذات الأبعاد الاجتماعية الراهنة، لنخبة من الممثلين الأكفاء في المركز الثقافي بالقنيطرة!”