رحل اليوم الجمعة أحد أشهر شعراء العراق في العصر الحديث مظفر النواب بعد صراع مع المرض.
ولد مظفر النواب في بغداد عام 1934 في وسط عائلي أولى عناية خاصة بالآداب والشعر والفنون والموسيقى، وهو ما ساهم في صقل موهبة الشاعر الراحل منذ صغره، حيث كان ينشر قصائده في مجلات الحائط المدرسية.
وتميز النواب بخصوصياته التعبيرية الفياضة في إلقائه الشعر وهو ما مكنه من جذب الجماهير في مختلف أنحاء العالم العربي.
والتحق الراحل بالحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال يدرس في جامعة بغداد، وتعرض للاعتقال والتعذيب. وبعد الثورة العراقية عام 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي، عين مفتش ا في وزارة التربية والتعليم.
في عام 1963، اضطر لمغادرة العراق إلى إيران بعد أن احتدت المنافسة بين القوميين والشيوعيين، وفي إيران تم اعتقاله وتعذيبه على أيدي قوات السافاك الإيرانية فيما كان في طريقه إلى روسيا، قبل أن يعاد قسر ا إلى السلطات العراقية. صدر بحقه حكم بالإعدام بسبب إحدى قصائده، لكنه خفف لاحقا إلى السجن المؤبد.
وقد قضى بعد هروبه من السجن، فترة متنقلا بخفاء بين المدن العراقية إلى أن صدر في عام 1969 بيان بالعفو عن المعارضين فعاد إلى منصبه كمدرس بإحدى المدارس.
سافر النواب إلى بيروت، وبعدها انتقل إلى دمشق، وظل يتنقل بين العواصم العربية والأوروبية، ليقضى نصف عمره ما بين مطارد وهارب.
ومظفر النواب الشاعر الثائر المهاجر عرف بتبنيه لقضايا عربية حارقة حيث عبر في قصائده بلغة شعرية لاذعة النقد عن صراعات المنطقة، إذ لم يركز شعره على العراق وحده الذي كتب فيه بالعامية العراقية قصائد مؤثرة، بل تناول هموم العالم العربي في أشعاره التي حفلت بروح التمرد والثورة على الديكتاتورية والسلطوية.
إنحاز النواب لقضايا الفقراء والبسطاء والعدل ومناهضة الاستغلال والاستعمار وأنظمة الحكم السائدة، مما عرضه للغضب داخل وطنه وخارجه واضطر لاحقا للعيش منفيا في غربته التي ناهزت نصف قرن تقريبا .
اشتهر بقصائده الثورية القوية والنداءات اللاذعة ضد الطغاة العرب، وأثارت قصائده المشاعر ضد الأنظمة القمعية والفساد السياسي والظلم. ومن أشهر قصائد الن واب: “القدس عروس عروبتكم”، و”الرحلات القصية”، و”المسلخ الدولي وباب الأبجدية”، و”بحار البحارين”، و”قراءة في دفتر المطر”، و”الاتهام”، و”بيان سياسي”، و “رسالة حربية عاشقة”، و”اللون الرمادي”، و”في الحانة القديمة”، و”جسر المباهج القديمة”، و”ندامى”…