داخل ورشته الخاصة وسط العاصمة الرباط، حيث اختار الاستقرار منذ سنوات، وآثر إطلاق العنان لخياله الجامح، توقف محمد اليوسي عن انشغالاته اليومية المتعلقة بالاشتغال في مجال الصيانة الكهربائية الفندقية، والتفرغ لتغذية شغفه بالفنون الجميلة التي ما فتئ ينميها بعصاميته المتقدة سنة بعد سنة.
منتشيا بأصوله الأمازيغية، اكتشف هذا الشاب، البالغ من العمر 31 سنة، شغفه بالفن حينما كان تلميذا بالمدرسة الابتدائية. وقال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “كنت أرسم مجموعة من الأشكال التي تمثل الطبيعة، من قبيل الأزهار أو الأشياء، بالإضافة إلى الشخصيات البشرية والحيوانية المنبثقة من مخيلتي، سواء من ملاحظاتي أو قراءاتي في المدرسة”، مضيفا أنه في سن السابعة، ربط أول اتصال له مع قلم الرصاص الذي أصبح بعدها أحد مرافقيه في عالمه المتخيل.
لم يتوقف هذا الشغف في مرحلة الإعدادية عن النمو في دواخل محمد حينما ط لب منه تصوير شخصيات رواية مدرسية، مما مكنه من نسج أولى علاقاته مع الرسم.
وسرعان ما استوعب الشاب محمد، وهو يرسم أسرة مؤلفة من خمسة أفراد باستعمال أقلام التلوين وقلم حبر أسود فقط، أن القيام بهذا الواجب المدرسي، ذي البعد الفني، داخل رحاب المؤسسة، لم يكن سوى صافرة انطلاقة لموهبة فطرية اعترف بها زملاؤه ومدرسوه.
وقال بنبرة حنين “في تلك المرحلة، نصحتني أستاذتي بالتسجيل في مدرسة للفنون الجميلة، بالنظر إلى كفاءتي التي وصفها المدرسون بالاستثنائية مقارنة بسني”، إلا أن ميولاته لمجال علوم الحاسوب كانت لها الكلمة الأخيرة على حساب شغفه الكبير بالرسم والتصوير، خصوصا وأن أسرته لم تنحدر من الوسط الفني.
وأضاف قائلا “والداي لم يتوقفا لحظة عن حثي على مواصلة دراستي الأكاديمية في شعب متخصصة”.
وعلى هذا الأساس، تابع الشاب دراسته مع الاهتمام بمعشوقيه الأولين : الرسم والتصوير، حتى لا تخبو شعلة الشغف الفني لديه.
وبعيد حصوله على شهادة الباكالوريا، قرر إطلاق العنان لشغفه القلبي بالفن.
وفي هذا السياق الذي وضع فيه محمد موهبته وقلبه في مشاريعه، بدأ بالتردد على ثلة من الفنانين والرسامين المحترفين في الرباط. وقال، في هذا الصدد، “خطوتي الأولى على درب تحقيق أحلامي تمثلت في معاينة كبار الرسامين عن قرب واستلهام تقنياتهم في الرسم”.
بعدها التحق الفنان الشاب بجمعية رباط الفتح التي مكنته من تحقيق أحلامه، وخصصت له حيزا شكل بالنسبة له “نقطة الانطلاق لولادتي الحقيقية أو ولادتي الجديدة، لأني نجحت في تكريس كل وقتي لرسم لوحاتي الخاصة وانجاز أعمالي”.
وأضاف أنه “بعدها أحسست أن التجربة نضجت ، وبفضل تشجيعات المقربين مني، أطلقت أول معارضي، وهي مناسبة للوقوف على انطباعات الزوار والجمهور حول لوحاتي”.
لقد تمكن محمد، المفعم بالطاقة والحماس الكبير، وبفضل التزامه ومثابرته لثلاث سنوات داخل ورشة جمعية رباط الفتح ، من إقامة ورشته الخاصة على سطح العمارة التي يقطن بها .
وكشف محمد اليوسي، الشغوف بالرسم وبالألوان، وذلك بفضل دقته وبراعته الفنية اللتين مكنتاه من إخراج لوحات معبرة إلى الوجود ، أن الفن يمثل بالنسبة له مصدر إلهام وسعادة وطمأنينة، مؤكدا أن الرسم يمنحه لحظة صفاء حقيقية ومهربا من ضغط الحياة اليومية .
*فاطمة الظهراء بلعربي (و.م.ع)