لا يخفي المخرج الإيراني أبو الفضل جليلي استغرابه لمنع سلطات بلاده عرض أفلامه رغم تحقيقها نجاحا عالميا كبيرا، لكن ذلك لم يثبط عزيمته وهو يشارك حاليا في مهرجان السينما الإيرانية في شانتيي قرب باريس.
ويعزو جليلي في مقابلة مع وكالة فرانس برس الجفاء الرسمي الإيراني تجاه أعماله إلى أن “المسؤولين لا يرتاحون لي”.
مع ذلك، “إذا ما أراد المرء فهم إيران، عليه متابعة أعمالها السينمائية لأنها تمثل روح هذا البلد”، وفق علي رضا خليلي أحد منظمي مهرجان السينما الإيرانية الذي يقام بدورته الأولى في منطقة شانتيي قرب العاصمة الفرنسية ويستمر حتى الأحد.
ويعرض في ختام المهرجان فيلم “الطريق المعاكس”، أحدث أعمال أبو الفضل جليلي. لكن هذا العمل لم يحصل على إذن بالعرض في بلده الأم. فمن أصل حوالى اثني عشر فيلما أخرجه جليلي، وحده فيلم واحد نال إذنا بالعرض في إيران… لأسبوع واحد فقط.
والفيلم المذكور صدر سنة 1987 بعنوان “غال” ويروي قصة مراهق متهم بنشر صحف محظورة يتم إرساله إلى مركز تأهيل.
ويوضح جليلي لوكالة فرانس برس “سألت ذات مرة: +لأي سبب تمنعون عرض أفلامي؟ فأجابوني +الناس يعتقدون أن ما يظهر في أفلامك واقعي وما يحصل فيها حقيقي+”.
وفي فيلم “الطريق المعاكس” (2020) الفائز في مهرجان السينما الآسيوية في شنغهاي، يروي جليلي قصة سينمائي شاب يدعى إمكان يصطدم برفض مؤسسات بلاده عرض أفلامه.
ولدى سؤال المخرج عن الشبه بينه وبين بطل فيلمه، يقول جليلي الذي بدأ مسيرته بتصوير وثائقيات ويؤخذ عليه أسلوبه المباشر للغاية “إمكان لم يعان سوى عشرة في المئة مما عانيته أنا في مجال السينما”.
وعلى صعيد نشر الإنتاجات الثقافية الإيرانية، تعتمد الجمهورية الإسلامية سياسة ملتبسة: إذ إن الرقابة ليست صارمة في كل الأحيان وبعض السينمائيين يحظون بدعم رسمي كبير وتفاخر طهران بتقديم أعمالهم، من بينهم أصغر فرهادي، فيما يواجه آخرون حظرا في بلدهم.
بذلك، رغم فوز فيلمه “رجل نزيه” بجائزة في مهرجان كان السينمائي سنة 2017، حكم على المخرج محمد رسولوف بالسجن عاما واحدا بتهمة القيام بدعاية سلبية ضد النظام الإيراني.
وبعض المخرجين الآخرين يقبعون في منطقة رمادية، إذ يكال لهم المديح أحيانا فيما يواجهون الحظر في أحيان أخرى أو يتم الترويج لأعمالهم فقط في الخارج، ومن بين هؤلاء أبو الفضل جليلي.
وبدأ جليلي المولود سنة 1957 في مدينة ساوه وسط إيران، مسيرته بإخراج أفلام تلفزيونية. ورغم العقبات، لا يزال يعمل على أفلامه ويصورها في بلده ويركز في أعماله على شخصيات لأطفال أو مراهقين.
ونالت أعماله مكافآت عالمية كثيرة: في مهرجان البندقية سنة 1996 (فيلم “ديت يعني فتاة”) وفي مهرجان لوكارنو عام 1999 (فيلم “رقصة الغبار”). كما شارك في المسابقة الرسمية بمهرجان كان السينمائي عام 1999 بفيلم “قصص كيش”.
ويوضح جليلي “عندما أعترض، يسألوني عن سبب امتعاضي بما أن أفلامي تحقق نجاحا في البلدان الأخرى”.
ويعتمد أساليب مختلفة للإبقاء على التواصل مع الجمهور الإيراني. ويقول “أدلي بمقابلات وأقوم بمداخلات في الجامعات عبر إنستغرام”.
ويقول إنه يقصد السينما لرؤية الناس وليس فقط لمشاهدة الأفلام.
ويحض ر أبو الفضل جليلي لفيلم طويل ويأمل الإفادة من أكبر قدر ممكن من الدعاية.
ويضيف “البعض يقول لي إني يجب أن أستبعد الولايات المتحدة. لكن واجبي كفنان يقتضي بجذب الجميع من دون استثناء”، فيما يسود توتر شديد علاقات البلدين منذ عقود.