اعتبر مشاركون في ندوة حول موضوع ” المسرح والتأقلم” نظمت اليوم الجمعة بالدار البيضاء ، أن المشتغلين في مجال الفنون الحية عامة ، والفن الرابع خاصة، ابتكروا طرقا متنوعة ومرنة لتجاوز الوضع الصعب الذي تسببت فيه الجائحة.
وأبرزوا، خلال هذه الندوة ، المنظمة في إطار فعاليات الدورة ال 33 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدار البيضاء ، أن فيروس كورونا أدى إلى كساد غطى جميع المجالات بما فيها المسرح ، لكن الفنانين المسرحيين من مخرجين وممثلين وغيرهم، استطاعوا التكيف مع إكراهات الأزمة الصحية عبر اللجوء الى أساليب مغايرة في الإنتاج والتواصل مع الجمهور .
وفي هذا السياق، قال عبد القادر كنكاي، رئيس المهرجان، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك (جامعة الحسن الثاني-الدار البيضاء )، إن المسرح تأثر بشكل كبير بفعل الجائحة، فوجد المشتغلون في هذا المجال أنفسهم مجبرين على التأقلم مع ظروف الجائحة ( عروض بدون جمهور / عروض عن بعد ، وغيرها).
وضمن هذا التوجه، كما قال ، تم عقد هذه التظاهرة الفنية الجامعية التي تشكل فرصة لتبادل التجارب بشأن طرق التأقلم مع الظروف الصعبة التي تسببت فيها الجائحة .
من جانبه، قال الكاتب المسرحي المسكيني الصغير، إن المسرح يختصر إكراهات الجائحة ، التي تعد حدثا ، أثر سلبا على كل مناحي الحياة الثقافية والاقتصادية والسياسية ، لافتا الى أن عملية التأقلم تفرضها الضرورة كي يضطلع الفن الرابع بدوره .
وتابع أن عملية التأقلم غطت مجالات تتعلق بالعرض والنشر ومختلف الأنشطة الثقافية والفنية الأخرى حتى يستمر الإنتاج ، ومنها المسرح الذي يتعين أن يضطلع بدوره في التوعية والارتقاء بالإنسان ، وكذا التعرف على الوباء عن كثب .
وفي الاتجاه ذاته، قال الأستاذ الجامعي قاسم مركاطة في عرض حول موضوع ” المسرح والأفق المرن” ، إن المسرح في زمن الاستثناء تحرر من أي خلفية ، فتلاشت أمامه الحدود الجغرافية والإيديولوجية .
وضمن هذا الإطار ، يضيف مركاطة، فرض الوباء مقاربات مختلفة في التعاطي مع الفن والحياة، لأن ” المسرح المرن ” كما سماه ، مغاير لكل التنميطات المتوارثة ، كما أنه تعاقد خيالي في سلسلة الصراع من أجل المعنى والتحرر .
وفي ذات المنحى، لفت عبد اللطيف نسيب المسناوي فنان وأستاذ باحث، أن الفنانين في المغرب كما في العالم ، امتلكوا قدرة كبيرة في التصدي للجائحة ، عبر ابتكار علاقات مغايرة مع الجمهور وحتى مع أنفسهم ، من أجل ضمان الاستمرارية ، وذلك رغم وجود كوابح تحيط بهم من كل جانب.
وبعد أن ذكر بأن معظم المسارح ظلت مظلمة منذ ظهور كوفيد 19 ، وهو ما أدى إلى كساد فني عالمي ، أكد وجود نوع من المرونة من جانب الفنانين رغم القيود الصحية ( عروض في الشارع وقرب المنازل ، وعبر العالم الرقمي).
من جانبه قال الأستاذ الجامعي مليود بوشايب، إن التأقلم هو عملية دينامية مستمرة ، تجسد القدرة على مواكبة المتغيرات المستجدة من أجل إحداث نوع من التوازن ، ومواجهة مختلف التحديات.
ولفت في هذا السياق، إلى أن عملية التأقلم أو التكيف ، هي مكون أساسي من مكونات بناء العمل المسرحي عبر التاريخ ، سواء تعلق الأمر بالإنتاج ، أو العرض الذي ينطلق من الإخراج ، مرورا بالأداء ، وصولا إلى التواصل مع الجمهور .