كشفت مسرحية “في منتصف الشتاء القاتم”، التي عرضت ليلة أمس الخميس باستوديو الفنون الحية، في إطار فعاليات الدورة 33 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدارالبيضاء، عن أحد أوجه الإبداع المسرحي الإيطالي المنسوج في قالب يجمع بين الجد والهزل.
وقد تألقت فرقة الأكاديمية المدنية للفنون المسرحية نيكو بيبي في حبك خيوط قصة هذه اللوحة الفنية، برسالة تبعث على التفاؤل، إمن خلال عودتها بالأذهان إلى غابر الأزمان، حيث حاول الممثلون بشخصيات مختلفة تقاسم أحلامهم مع من لم تعد لديهم شجاعة الحلم أو من هم أصبحوا حبيسي آفة اليأس.
وباعتماد وسائل بسيطة ومحدودة، استطاع هؤلاء الشباب اليافعين كسر الصمت والسكون على خشبة المسرح، بحركاتهم الجسدية ونبراتهم الصوتية التي تتخللها الأضواء والمؤثرات الصوتية، في محاولة منهم لتجسيد، على مدى 40 دقيقة، أبهى صور هذه اللوحة الفنية كما نسج معالمها كاتب السيناريو المخرج الإيطالي كلوديو دو ماكليو.
وبالرغم من بساطة معدات تشخيص هذه القصة ذات البعد العاطفي، يبقى الشغف والتضحيات والتنازل مع لمسة جنونية شكلت الوقود لتحريك الملكات الفكرية والابداعية لدى هذه الطاقات الشابة، ممن تمكنوا من جلب انتباه عشاق المسرح الذين توافدوا بكثرة من أجل الاستمتاع عن قرب بالعرض، واستكشاف لون جديد من الفن المسرحي الذي تزخر به على الخصوص ضفتا البحر الأبيض المتوسط، متحدين بذلك عائق التخاطب اللغوي.
وقد تم اقتباس محتوى هذا العرض من فيلم كوميدي رومانسي”في منتصف الشتاء القاتم” من إخراج كينيث برانا وإنتاج ديفيد بارون في 1995 بالمملكة المتحدة، بحيث رسم نهاية جميلة من خلال العروض التي قدمها أفراد الفرقة المسرحية، إذ عمل كل واحد من جهته على إيجاد سبب حتى يجعل حياة الفريق ذات قيمة ويعطيهم حافزا للمضي قدما في مشروعهم الفني المشترك.
وفي تقييم له لهذا الإبداع المسرحي الإيطالي، أشار الباحث والمخرج والممثل المسرحي سامي سعد الله، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن من مميزات العرض أنه يكشف شغف الممثلين الجدد بلعب دور البطولة، حيث يحتدم الصراع الطبقي الاجتماعي، رغبة في الظفر بهذا الدور الرئيسي من خلال التفنن في تجسيد لقطات من مسرحيات الشاعر والمسرحي “ويليام شكسبير” بطريقة عصرية.
وأضاف أنها تجربة جميلة تكمن أهميتها في كون كل ممثل تقمص مجموعة من الأدوار المختلفة، حيث بدت لغة الجسد حاضرة بقوة مع تقلبات حركات الوجه لتعويض عائق التواصل اللغوي، مما خلق نوعا من الفرجة وساهم في إيصال الرسالة المطلوبة، مبرزا أن هذا المنهج المسرحي بتكسيره للجدار الرابع من خلال إشراك الجمهور يبقى شبيها بالمسرح الإغريقي الذي ينظر للواقع كوجه من أوجه المسرح.
ويذكر أن هذه المسرحية تأتي ضمن سلسلة من العروض المبرمجة لمعانقة الجمهور، في شقيها الحضوري وعن بعد، إذ تعرف دورة هذه السنة في نسختها 33 مشاركة عدد من الدول من مختلف القارات، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وكولومبيا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا ومصر وكوريا الجنوبية والكاميرون إلى جانب المغرب البلد المضيف.