على مدى أكثر من ثلاثة عقود والمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، الذي تنظمه سنويا كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ، يمثل نافذة ثقافية، للنهوض بقيم المشاركة والتلاقح الثقافي، والانفتاح على تجارب مسرحية غنية من شتى بقاع المعمور.
فهذا الموعد الثقافي، الذي يستقطب كل سنة تجارب مسرحية ثرية من دول عديدة بات رافدا حيويا، يعزز الإشعاع الثقافي والحضاري للعاصمة الاقتصادية للمملكة، عن طريق التقاسم الرفيع الذي يجسده الفن الرابع، كواجهة مثلى للمساهمة في التعريف بمواهب الجامعة محليا ووطنيا ودوليا.
وفضلا عن ذلك، تضطلع هذه التظاهرة الثقافية بأدوار رفيعة بحكم أنها تمثل منصة للتعبير وإبداء الرأي واختزال الواقع الاجتماعي في رؤى مسرحية هادفة تتيح الفرصة لطلبة الجامعات لتطوير مهاراتهم واستشراف آفاق إبداعية غنية. وما الدورة الحالية لهذا الحدث الفني، الذي ينطلق اليوم الثلاثاء بالمركب الثقافي مولاي رشيد بالدار البيضاء ، إلا حلقة ضمن سلسلة من الحلقات المتوالية على مدى 33 سنة، والتي يعانق فيها الفنانون المسرحيون جمهورهم من جديد بالرغم من قيود أزمة جائحة كورونا التي لا زالت ترخي بضلالها على مختلف أرجاء المعمور.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس المهرجان عبد القادر كنكاي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك أن اختيار موضوع “المسرح والتأقلم” كشعار لهذه الدورة التي ستتواصل فعالياتها إلى غاية 30 أكتوبر الجاري، يأتي انسجاما مع ما يعيشه العالم من أحداث ومبادرات وإجراءات للتأقلم مع الظرفية التي فرضتها الأزمة الصحية لكوفيد 19 على مختلف القطاعات.
وأبرز في كلمة بالمناسبة، أنه في خضم هذه الظرفية الاستثنائية، بكل آثارها وخلفياتها، أبى المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء إلا أن يحافظ على موعده السنوي مع أصدقائه ومحبيه من كل جامعات العالم ومع جمهوره المغربي من الطلبة ومحبي المسرح.
وأشار إلى أنه تم في هذا السياق، التفكير في بلورة استراتيجية ومبادرات للتأقلم مع الواقع الجديد الذي عرف إغلاق المسارح وأبعد الفنانين عن جمهورهم وحلت فيه الشاشة وسيطا بينهما، مبرزا ان الدورة السابقة “حتمت علينا تنظيمها عن بعد بالكامل وذلك حفاظا من الكلية على موقع هذا المهرجان في خريطة المهرجانات الجامعية الدولية”.
كما نوه المسؤول ذاته بالدور الطلائعي الذي لعبته التكنولوجيا الحديثة في خلق شروط التأقلم والاستمرارية عن بعد، بالصوت والصورة، بالليل والنهار متحدية قيود وحواجز الزمان والمكان.
وبالمناسبة، ستتأتى لعشاف الفن الرابع، متابعة فقرات الدورة الحالية التي ستقام بفضاءات مختلفة بالدار البيضاء، في شقيها الحضوري وعن بعد حيث ستقدم عددا من العروض الجامعية والاحترافية بمشاركة دول من مختلف القارات وخاصة منها الولايات المتحدة الامريكية وكولومبيا واسبانيا وايطاليا وروسيا وكوريا الجنوبية والكاميرون فضلا عن المغرب البلد المضيف.
ويحفل برنامج هذه الدورة بسلسلة من المحترفات (ورشات عمل) ينشطها أكاديميون وجامعيون وفنانون مغاربة وأجانب، حيث تستهدف محتويات مواضيعها عددا كبيرا من الطلبة المغاربة والأجانب.